أقرت جهات إسرائيلية بأن إطلاق النار الذي وقع على الحدود مع لبنان يشير إلى أن الهدوء القائم على الحدود قابل للانتهاء في كل وقت. وبرغم قناعة الكثير من جهات التقدير في إسرائيل بأن العام المقبل
حلمي موسى
أقرت جهات إسرائيلية بأن إطلاق النار الذي وقع على الحدود مع لبنان يشير إلى أن الهدوء القائم على الحدود قابل للانتهاء في كل وقت. وبرغم قناعة الكثير من جهات التقدير في إسرائيل بأن العام المقبل لا ينطوي على مخاطر اندلاع حروب كبيرة، بسبب ما تعتقده من وجود ردع خصوصاً تجاه حركة حماس و«حزب الله» على الجبهتين الشمالية والجنوبية، إلا أن ذلك لا يمنع احتمال اندلاع مواجهات.
وقد تباينت التقديرات الإسرائيلية في البداية بشأن ما جرى قرب مزارع شبعا، حيث أشارت في البداية إلى أن الأمر يتعلق بخلية مجهولة ثم سرعان ما انتقل الحديث إلى جهة متعاملة مع «حزب الله» أو مرتبطة به، وأخيراً إلى الجيش اللبناني.
واتهم لبنان الجيش الإسرائيلي بخرق السيادة اللبنانية من خلال قيام قوة إسرائيلية بالتوغل في العمق اللبناني، إلا أن إسرائيل ساقت رواية مناقضة واتهمت «خلية» لبنانية مسلحة باجتياز الخط الحدودي. وقال الجيش الإسرائيلي إن «قوة رصدت قوة لبنانية تجتاز الحدود فأطلقت عليها نيران أسلحة أوتوماتيكية خفيفة، ويبدو أن أحد أفراد القوة أصيب، في حين انسحب باقي أفراد القوة إلى العمق اللبناني».
غير أن الجيش اللبناني أصدر بياناً أمس الأول، اكد فيه إن «أحد مراكز الجيش في منطقة السدانة - شبعا، تعرض لإطلاق نار من قبل أحد مراكز العدو الإسرائيلي في الجهة المقابلة، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح غير خطيرة». وأضاف انه «على الأثر استنفرت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة واتخذت الإجراءات الدفاعية المناسبة، فيما تجري متابعة الاعتداء بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان».
وبين هذا وذاك، جرى الحديث في اسرائيل عن أن الخطر المحتمل من لبنان هو خطر من تعاون «حزب الله» مع الجيش اللبناني. وجرى التأكيد على أن الحادث موضعي وأنه بذاته لن يقود إلى التصعيد.
وكانت «القناة العاشرة» الإسرائيلية» قد نقلت عن أوساط في الجيش الإسرائيلي قلقها من التعاون المحتمل بين الجيش اللبناني و«حزب الله». وقالت، نقلاً عن ضابط كبير في قيادة الجبهة الشمالية، إن الحادث يشهد على تصاعد العمليات والاحتكاك بين قوات الجيش الإسرائيلي وجهات على الجانب الآخر من الحدود. ومع ذلك هناك اعتقاد شائع بأن «حزب الله» لا يسعى إلى الصدام مع إسرائيل بسبب انشغاله في سوريا. وبرغم ذلك، فإنه في ظل الحديث عن وجود ردع إسرائيلي في مواجهة «حزب الله» تزداد القناعة بأن هذا الردع يتآكل مع مرور الوقت.
وفي كل حال، فإن معلقين إسرائيليين اعتبروا أن إطلاق النار في الشمال، على الحدود السورية أساساً، يشير إلى بلوغ السخونة ذروة جديدة بعد سلسلة طويلة من الأحداث الصغيرة التي كان يستخدم فيها عبوات متفجرة وإطلاق نار وقذائف. كما أن التصريحات التي اعتبرتها إسرائيل حربية من جانب «حزب الله»، تثير تساؤلاً بشأن ما إذا كان الحزب معني برفع منسوب التوتر مع إسرائيل أو أنه يفكر في مواجهة عسكرية واسعة معها.
وفي كل حال، فإن حادث مزارع شبعا أتى في وقت اختلفت فيه الآراء بشأن احتمالات تدهور الوضع مع لبنان، إذ أعلن قائد الجبهة الشمالية، الجنرال يائير جولان، قبل أسبوعين، أنه يتوقع أن يسود الهدوء خلال فترة الأعياد. وقال إن الجليل في الذروة حالياً و«إننا بداهة آخر من يتجاهل الأخطار، ونحن نرى ما يجري في سوريا ولبنان. ومع ذلك، فإنني أعتقد ان هذا لا ينبغي أن يدفعنا إلى تغيير خططنا». وأضاف أنه «ينبغي النظر إلى مجموعة الغيوم هذه والقول أن المراقبة دقيقة، لكن عدا ذلك ينبغي الإحساس بالأمن التام قبيل الأعياد».
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس قد أشار الأسبوع الماضي إلى احتمالات الصدام مع «حزب الله»، فقال: «لا أضمن لكم أنه بعد غد أو بعد أسبوع لن يقع حادث أمني في الشمال». ومع ذلك، شدد بني غانتس على أنه لا يملك معلومات استخبارية موضعية حول نوايا «حزب الله» للمواجهة مع إسرائيل، بل إن تقديرات الاستخبارات تقول بعكس ذلك وان «حزب الله» مرتدع ويخشى المواجهة.
وبرغم ما سبق، فإن إسرائيل ترقب بقلق تطور العلاقات بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة، خصوصاً على خلفية الحرب الدائرة ضد تنظيم «داعش». وتحاول إسرائيل الإشارة إلى أن كل سلاح يصل إلى الجيش اللبناني يصل في النهاية إلى «حزب الله»، وهذا ما تتحسب منه إسرائيل. والأمر لا يتوقف فقط عند السلاح، بل يتخطاه إلى المعلومات الاستخبارية.
تجدر الإشارة إلى أنه في الشهر الماضي، قامت طائرة إسرائيلية من دون طيار بتفجير منشأة تجسس إسرائيلية تم اكتشافها في الجنوب اللبناني، ما قاد إلى استشهاد أحد عناصر «حزب الله». كما تم قبل حوالي نصف العام تفجير عبوة ناسفة قرب دورية للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا.
وأعلن ضابط في قيادة الجبهة الشمالية حينها أنه «ليس للحادث الذي وقع في مزارع شبعا، بعيداً عن المستوطنات الإسرائيلية قرب الحدود مع لبنان أي أثر على سكان المستوطنات القريبة في الجليل الأعلى أو المستجمين الكثر المفترض تواجدهم خلال فترة الأعياد. ولذلك لم تصدر أي تعليمات جديدة للسكان».
وأوضح المعلق العسكري لموقع «والا»، أمير بوحبوط أن حادث أمس الأول، على الحدود مع لبنان كان (وفق التقديرات) مع خلية مشتركة من الجيش اللبناني و«حزب الله» كانت في مهمة لتمشيط المنطقة، «كان يمكن أن تنتهي بتبادل إطلاق نار وربما بقتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي. وهذه هي الخشية المركزية في صفوف قيادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية».
ورأى بوحبوط أن «خطأ ولو صغيراً، سوء فهم بين الجانبين ميدانياً، يمكن أن يجر المنطقة بأسرها إلى الصدام. والجيش الإسرائيلي لا ينسى كيف أن اغتيال ناشط حماس الذي زرع عبوة ناسفة قرب حدود قطاع غزة، والذي بعده قررت حماس إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، وبعدها صارت الطريق مفتوحة لعملية الجرف الصامد التي لم يخطط لها الطرفان».
وينقل موقع «والا» عن المستشرق الدكتور أودي بلانجة من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة «بار إيلان»، قوله إنه «لا ينبغي الاستبعاد المطلق لجولة قتال أخرى مع حزب الله».
وبحسب كلامه، فإن «حزب الله يعيش مؤخراً حالة ضغط شديد في لبنان، وهو يتعرض لانتقادات شديدة على تورطه في الوحل السوري». ويعتبر بلانجة أن هذا ضغطٌ سياسيٌّ وانتقادٌ شعبيٌ، لذلك فإنهم «يبادرون إلى توتير الوضع مع إسرائيل لإظهار الجدوى ومبرر وجودهم».
ويشير بلانجة إلى أن الحروب «كثيراً ما تقع لأسباب سيكولوجية وليس لأسباب عقلانية»، ويعتبر حرب حزيران في العام 1967 مثالاً، وكذلك حرب «الجرف الصامد» ضد غزة. لذلك يرى أن خطر الانفجار في الشمال حقيقي.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه