أعاد الهجوم الذي شنه مسلحو «النصرة»، أمس الأول، على موقع «عين الساعة» في جرد منطقة «النبي سباط» في شمال جرد بريتال، النقاش حول تنظيف الشريط الجردي السوري الحدودي إلى الواجهة
خريطة انتشار المسلحين عند التخوم الشرقية للبنان
سعدى علوه
أعاد الهجوم الذي شنه مسلحو «النصرة»، أمس الأول، على موقع «عين الساعة» في جرد منطقة «النبي سباط» في شمال جرد بريتال، النقاش حول تنظيف الشريط الجردي السوري الحدودي إلى الواجهة.
النقاش نفسه كان قد دار بعد سقوط قرى وبلدات القلمون التحتا والفوقا السورية بيد الجيش السوري النظامي، فيما فرّ المسلحون نحو الجرود المحاذية للحدود اللبنانية من قرية معربون على حدود سرغايا في الريف الدمشقي إلى مشاريع القاع في أقصى البقاع الشمالي.
لم تكن السيارات المفخخة التي انفجرت في الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض مناطق البقاع الشمالي إلا ترجمة ميدانية لأهمية الحدود الشرقية وتأثيرها على أمن المناطق المحسوبة على «حزب الله» وبيئته الحاضنة في ظل التوتر المذهبي الحاد في البلاد.
ومنذ اللحظة الأولى لتراجع المجموعات المسلحة، تم اعتبار حسم أمن الشريط الجردي الحدودي في السلسلة الشرقية الحجر الأساس في حماية أمن المناطق اللبنانية المتاخمة له «لا بل هو مصلحة أمنية لبنانية أكثر مما هي سورية» على حد تعبير أحد الخبراء العسكريين.
وإذا كانت التطورات الميدانية التي شهدتها مناطق القلمون في العمق السوري والإجراءات الأمنية المشددة في الجانب اللبناني، قد أدت إلى تجنيب المناطق المحاذية للحدود خطر سقوط الصواريخ، وهي كما العمق اللبناني، خطر السيارات المفخخة، فإنه لا يمكن القول أن لبنان نأى بنفسه عن خطر المجموعات المسلحة بشكل نهائي. وهو ما يطرح السؤال عن سبب التأخر في حسم معركة الجرود السورية التي كانت مطروحة قبل أشهر من اليوم.
ويمكن لنظرة عامة على الحدود السورية اللبنانية من سرغايا السورية في ريف دمشق وصولاً إلى جرود جوسيه على حدود جرود القاع في البقاع الشمالي، أن تحدد مواقع خطوط التماس التي ما زالت قائمة، وتوزع المسلحين فيها.
تقع سرغايا في ريف العاصمة السورية، وتعتبر آخر بلدة سقطت بيد الجيش النظامي بعد سقوط معظم قرى القلمون وبلداته. وتحد سرغايا قرية معربون اللبنانية التي تقع في أحد أودية السلسلة الشرقية مع حام اللبنانية أيضاً. لا مسلحين في سرغايا البلدة التي تبعد عشر دقائق عن معربون ولكن هؤلاء انسحبوا نحو جرودها الملاصقة لجرود معربون.
بعد سرغايا، يتصل وجود المجموعات المسلحة بجرود رنكوس. يسيطر الجيش النظامي على رنكوس البلدة، فيما يتمركز المسلحون في جرودها الملاصقة لجرود معربون وحام. حام نفسها تحدها «عين الجوزة» اللبنانية وسكانها سوريون وهي مفتوحة على بلدة طفيل اللبنانية.
عبر مزرعة درة السورية التي تقع في جرود رنكوس، تلامس حام الجرود السورية مجدداً بمسافة تصل إلى نحو سبعة كيلومترات من الأودية والتضاريس الصعبة.
ونسبة لتداخل الأراضي في هذه الجرود، ليس سهلاً على المسلحين، وخصوصاً بعد سيطرة النظام على سرغايا وقرى وبلدات أخرى في القلمون وخروجهم من «طفيل» اللبنانية، إيجاد خط إمداد لوجستي يعوض عليهم الحصار الذي فرض عليهم في جرود عرسال.
بعد مزرعة درة السورية، تبدأ جرود عسال الورد التي تقع إلى شمال «طفيل» اللبنانية.
تمسك بريتال وجارتها حورتعلا بنحو 17 كيلومترا من الحدود الشرقية لتلامس في جرودها العليا جرود عسال الورد. في هذه الجرود الملاصقة لأعالي بريتال، ما يزال المسلحون يتمركزون في عدد من المواقع المعروفة بـ«الخشعات» وهي عبارة عن محميات من شجر اللزاب التي كان النظام السوري قد حماها قبل الأحداث السورية.
بالإضافة إلى الخشعات يتحرك المسلحون في ثلاثة أودية في المنطقة الفاصلة بين جرود بريتال وحورتعلا وجرود نحلة ويونين، وأهمها وادي شاهين ووادي الدار ووادي الزعرور الذي يعتقد أن المسلحين كانوا انطلقوا منه لمهاجمة موقع «عين الساعة».
وتنتشر «الخشعات» ليس فقط في أعالي عسال الورد وإنما أيضاً في الجبة وأعالي رأس المعرة ومعهما طلعة موسى التي ترتفع نحو 2629 متراً عن سطح البحر، وهي أعلى ثاني قمة في السلسلة الشرقية بعد جبل الشيخ في مثلث الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية.
وفي الجبة ورأس المعرة وطلعة موسى، يتشكل مثلث حدودي بين جرود نحلة ويونين من جهة والجرود السورية من جهة ثانية وجرود عرسال من جهة ثالثة. ينتشر المسلحون في الجرود السورية في الجبة ورأس المعرة (مستفيدين من البساتين الكثيفة) ومن غابة اللزاب المعمر في طلعة موسى، ومن جغرافيا قاسية تشتهر بمغاورها وكهوفها. كما يستفيدون من خصوصية جرود عرسال حالياً وعدم دخول «حزب الله» في أية مواجهات معهم هناك.
وعليه، تتحرك المجموعات المسلحة بحرية كاملة في الجرود من طلعة موسى والجبة ورأس المعرة نحو جرود عرسال التي تنسحب بطول نحو أربعين كيلومتراً من أصل سبعين كيلومتراً من معربون إلى مشاريع القاع. ومع جرود عرسال يمسك المسلحون أيضاً بأعالي جرود راس بعلبك والمنطقة المعروفة بتنية الراس ومعها جرود القاع العليا الموصولة بجرود جوسيه.
وتشير المعلومات الجغرافية إلى غنى السلسلة الشرقية من الناحية السورية بالآثار والمغاور والمباني المحفورة في الصخر والكهوف وبعض المعابد الأثرية التي تحولت مع الوقت إلى مخابئ ومواقع محصنة للمسلحين.
وليس الهجوم الذي تعرض له موقع «عين الساعة» الأول من نوعه، إذ سبق وهاجمه المسلحون مرات عدة سابقا، في إطار معارك الكرّ والفرّ التي تحصل على الحدود بشكل شبه يومي. ولكنها المرة ألأولى التي تنجح فيها «النصرة» في تحقيق اختراق عسكري، ما لبث عناصر «حزب الله» أن ردوا عليه بملاحقة مسلحيها بعمق يصل إلى نحو ثلاثة كيلومترات داخل الجرود السورية، ولكنهم عادوا أدراجهم نظراً لعدم وجود مواقع محصنة لهم هناك.
وباستثناء الاختراق الميداني الذي لم يدم طويلا في «عين الساعة»، لم يتغير شيء في موازين القوى على أرض الجرود فعلياً. وكان لافتاً للانتباه حرص مسلحي «النصرة» الذين دخلوا إلى نقطة من ثلاث نقاط أساسية يتكون منها مركز «عين الساعة»، على حمل المعلبات والمأكولات التي وجدوها في النقطة قبل رحيلهم!
http://www.assafir.com/Article/1/376663
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه