صحيح أن غالبيّة القوى السياسيّة تعمل في الوقت الحالي على إخراج سيناريو مقبول يتمّ فيه التمديد لمجلس النوّاب بـ«أبهى حلّة» وللمرّة الثانية على التوالي في أقلّ من سنتين
70 % من المستطلَعين يرفضون التمديد للمجلس.. ويريدون «الرئاسية» أولاً
لينا فخر الدين
صحيح أن غالبيّة القوى السياسيّة تعمل في الوقت الحالي على إخراج سيناريو مقبول يتمّ فيه التمديد لمجلس النوّاب بـ«أبهى حلّة» وللمرّة الثانية على التوالي في أقلّ من سنتين، لكن يبدو أن السياسيين في واد.. والشعب اللبناني في وادٍ آخر.
فهذه القوى لا تدرك، على الأرجح، أن نسبة 49 في المئة من اللبنانيين غير مهتمّين أصلاً إذا وضعت صناديق الاقتراع في مكانها هذا العام أو رفع النواب أيديهم للتصويت لمشروع قانون نقولا فتوش «التمديدي»، بالإضافة إلى نسبة 6 في المئة «غير مهتمة بعض الشيء» بالانتخابات. وهناك فقط نسبة 30 في المئة «من المهتمين جداً» بإجراء هذا الاستحقاق بالإضافة إلى نسبة 11 في المئة «مهتمة بعض الشيء» و2 في المئة لا تعلم ونسبة مماثلة رفضت الإجابة.
يعني عدم الاهتمام بالانتخابات بنسبة 55 في المئة اشهار يأس المواطنين من النظام السياسي وتخليهم عن دورهم الأساسي في تكوين السلطة، بالإضافة إلى قناعتهم بأن القانون الانتخابي الحالي لن ينتج إلا مجلسا نيابيا مماثلا للحالي.
هذا غيض من فيض ما يجري على أرض بلد يحكمه نظام برلماني ديموقراطي، وفق ما خرجت به دراسة ميدانية أجرتها شركة «آراء» وشملت 500 مواطن لبناني، في الفترة الممتدة بين 25 أيلول و3 تشرين الأول الحالي. وتوزّعت على مختلف المحافظات والأقضية اللبنانية بما يتوافق والبنية السكانية للمواطنين اللبنانيين بحسب مكان السكن والنوع والفئات العمرية، بالإضافة إلى التوزّع النسبي لمختلف الطوائف. وقد أشرف على الدراسة وعلى تحليل نتائجها المدير العام لشركة «آراء» طارق عمّار.
القوى السياسية المشغولة بمدّة التمديد، لا تدرك أن أغلبية اللبنانيين وبنسبة 70 في المئة يرفضون التمديد للمجلس الممد له. لم يؤيد التمديد سوى 18 في المئة بينما البقية إما «لا تعلم» (7 في المئة) أو رفضت الإجابة (5 في المئة).
غالبية رافضة للتمديد
واللافت للانتباه في الأمر أن نسبة الذين رفضوا التمديد قد ارتفعت من أيّار 2013 إلى أيلول 2014 بما يقارب الـ10 نقاط (من 60 في المئة إلى 70 في المئة)، وهذا يعني أن غالبيّة اللبنانيين لم يروا في التمديد إيجابيّات تدعو إلى إعادة استنساخه للمرّة الثانية على التوالي.
وتظهر الدراسة غالبية رافضة للتمديد لدى جميع المذاهب وإن اختلفت النسب، فيتبين أن المسيحيين هم «طائفة اللاتمديد» بنسبة 79 في المئة بعد أن كانت النسبة في أيّار من العام الماضي 64 في المئة.
وعكست غالبية من شملهم الاستطلاع من المسلمين السنّة رفضهم التمديد بنسبة 73 في المئة على عكس ما يسعى التيار السياسي الممثل للسنة في لبنان («المستقبل»)، ليظهر أن هذه النسبة لم يطرأ عليها إلا ارتفاع بسيط بعد أن كانت 70 في المئة في العام 2013.
والملاحظ أن النسبة ارتفعت 12 نقطة عند المسلمين الشيعة، فقد رفضت هذه الطائفة التمديد بنسبة 50 في المئة في العام 2013، لتصل إلى 62 في المئة حاليا. كذلك الأمر عند الدروز الذين يرفضون التمديد بنسبة 70 في المئة بعدما كانت نسبة الرفض 56 في المئة في العام 2013.
والمفارقة أنّ 78 بالمئة من الذين تفوق أعمارهم 55 سنة رفضوا التمديد مقارنة مع حوالي 55 في المئة من الشباب في الفئة العمرية بين 15 سنة و20 سنة.
الوضع الأمني لا يسمح
وعند سؤال العينة «هل الوضع الأمني الحالي يسمح بإجراء انتخابات نيابيّة في موعدها المقرّر في تشرين الثاني؟» أجابت نسبة 47 في المئة بـ«لا»، مقابل 41 في المئة أجابت بأن «الوضع يسمح بإجرائها» و9 في المئة لا تعلم و«3 في المئة رفضت الإجابة.
هذه الأرقام تشير إلى تناقض عند الرأي العام الذي لا يريد التمديد بغالبية كبيرة (70 في المئة)، ولكنه يؤكّد في الوقت عينه، استحالة إجراء الاستحقاق في موعده. ويفسر محللو شركة «آراء» ذلك بأن بعض الذين اقتنعوا بأن الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات غير مقتنعين بأن الحل هو التمديد. فالدولة باستطاعتها اتخاذ إجراءات معينة مثل نقل صناديق الاقتراع من الأماكن الساخنة لضمان إجراء الانتخابات في ظل الوضع الأمني السائد.
وللتذكير فان الانتخابات جرت في العامين 2005 و2009، برغم ظروف لبنان غير المستقرة أمنيا وسياسيا، أما قول بعض المرشحين بعدم قدرتهم على زيارة مناطقهم فهي حجة غير مقنعة، بدليل أنه في مرحلة الاحتلال الاسرائيلي لقرى الشريط الحدودي في الجنوب، كانت تجرى الانتخابات خارج المنطقة ولم يكن المرشحون يستطيعون التنقّل في هذه القرى.
ملء الفراغ الرئاسي أولاً
وعلى المجلس النيابي الذي اجتمع الأسبوع الماضي وعلى جدول أعماله الكثير من مشاريع القوانين، أن يلاحظ أن نسبة 58 في المئة من عيّنة «آراء» تشدّد على وجوب أن تنحصر مهمة مجلس النواب بأن يكون هيئة ناخبة لانتخاب رئيس جديد، في حين أن الراضين بالتشريع قبل إجراء انتخابات نيابيّة لا يتعدون الـ28 في المئة، بينما هناك نسبة 9 في المئة لا تعلم و5 بالمئة رفضت الإجابة.
يعتبر اللبنانييون أن ملء الفراغ الرئاسي أولوية يجب أن تسبق الانتخابات النيابية. فهناك نسبة 55 في المئة من العيّنة تعتبر أن الأولويّة هي لانتخاب رئيس للجمهورية، ونسبة 21 في المئة ترى أن الأفضلية لإجراء النيابية قبل الرئاسية، بينما 15 في المئة تؤكد أن الأولوية للامرين معاً. وأجاب 2 في المئة أن كلاهما ليس بأولوية و4 في المئة لا تعلم و3 في المئة رفضت الإجابة، أي ان 70 في المئة (55 + 15) من اللبنانيين اعتبرت أن انتخاب رئيس في سلم الأولوية إلى جانب 36 في المئة (21 + 15) اعتبرت انتخاب المجلس أولوية.
واللافت للانتباه أن الذكور أعطوا الأولوية للرئاسة أكثر من النساء (63 في المئة في مقابل 47 في المئة)، والسبب ربما يعود في ذلك إلى ما يمثله رأس السلطة في الدولة من تماه مع رأس العائلة في البيت!
يمكن فهم الأولوية التي يوليها اللبنانيون بمختلف فئاتهم المذهبية والاجتماعية إلى ضرورة ملء الفراغ الرئاسي لكون نسبة كبيرة بلغت 72 في المئة تعتقد أن الفراغ الرئاسي يؤثر سلبًا في الوضع الاقتصادي والمعيشي لهم. وتفسر هذه النسبة العالية الكثير من النتائج السابقة.
يذكر أن 26 في المئة تعتقد أن لا تأثير للفراغ الرئاسي على الوضعين المعيشي والاقتصادي اما البقية وبنسبة 2 في المئة لا تعلم و1 في المئة رفضت الإجابة، واللافت للانتباه أنّ نسبة 53 في المئة تعتقد أن الفراغ الرئاسي سيستمرّ، بينما 35 في المئة يأملون انتخابا رئاسيا قريبا ونسبة 9 في المئة لا تعلم ونسبة 3 في المئة رفضت الإجابة.
http://www.assafir.com/Article/1/376871
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه