وبدأت الحرب على صور «سلفي الحج»، بفتوى لعلي جمعة مفتى الديار المصرية السابق، والذي أكد أن التقاط تلك الصور، يتناقض مع قدسية الشعائر الدينيّة.
قبل أسابيع من بدء موسم الحج، نشرت مجموعة «سند للإنتاج الفني» على «يوتيوب» فيديو قصيرا بعنوان «حج يا حاج». الشريط عبارة عن محاكاة ساخرة لارتفاع أسعار الحج. وفي لقطة من العمل، يظهر مدير شركة السياحة، وهو يعدد وسائل الراحة والرفاهية التي تقدمها شركته للحجاج، ومنها طاقم إعلاميين يلتقطون الصور للحاج، وينشرونها «إنستغرام». ينتهي الفيلم القصير بيأس الشاب من الذهاب إلى الحج لارتفاع تكلفته. يكتفي بالوقوف أمام شاشة تلفزيون كبيرة والتقاط صور «سِلفي» لنفسه، وفي الخلفية صور الكعبة وطواف الحجاج.
أحمد ناجي/ جريدة السفير
ما بدأ كمزحة على «يوتيوب» تحول في موسم الحج هذا العام إلى الظاهرة الأكثر انتشاراً على مواقع التواصل عربياً. فطوال أيام الحج لم تتوقف أضواء «الفلاش» عن اللمعان، بينما امتلأت الشبكات الاجتماعية بصور الحجاج الذين أخذوا يصورون أنفسهم عند كل مرحلة من مراحل الحج.
رحلة الحج للكثير من الحجاج هي فرصة تتأتى للإنسان مرة واحدة، ولذلك يعدّ توثيقها، في المقام الأول، وسيلة للحفاظ على ذكرى غالية بالنسبة لكلّ مسلم، إلى جانب القدسية التي تحملها الأماكن المقدسة في مكة، والتي تعتبر زيارتها فرصة نادرة. لذلك، فإنّ توثيق الزيارة بصور «سِلفي» يحقق مزيجا من التوثيق والتفاخر للحاج خصوصاً مع نشرها على الشبكات الاجتماعية.
إلى جانب القيمة الروحية للحج، فالحج يحمل قيمة اجتماعية وخصوصاً في المجتمعات العربية. يكتسب الحاج صفة جديدة بعد قيامه برحلة الحج تضاف لاسمه متمثلة بلقب الحاج، بالتالي يأتي التقاط الـ«سِلفي»، وعرضها على الشبكات الاجتماعية، بمثابة إيصال رسائل اجتماعية واضحة.
أرشيف صور سِلفي للحج على «إنستغرام» والشبكات الاجتماعية شمل أماكن متنوعة تبدأ من الكعبة، جبل عرفات، وحتى الحمامات في الحرم المكي وبرج الساعة، وغيرها من المعالم السياحية، كأبراج فنادق مكة التي تحتل مكانا بارزاً في معظم الصور الذاتيّة المأخوذة بواسطة الهواتف.
لكن على ما يبدو، فإنّ بعض رجال الدين رأوا في الأمر انتهاكاً لروحانية وخصوصية الحج. وظهرت دعوات من قبل رجال سعوديين لمنع التصوير داخل الحرم المكي وفي بقية الأماكن المقدسة. وبدأت الحرب على صور «سلفي الحج»، بفتوى لعلي جمعة مفتى الديار المصرية السابق، والذي أكد أن التقاط تلك الصور، يتناقض مع قدسية الشعائر الدينيّة.
وقال في مقابلة تلفزيونية: «اللي يصور نفسه سِلفي مع بيت الله الحرام تهريج وميرضيش ربنا». تبعه الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، إذ دعا إلى تحطيم آلات التصوير المحمولة مع بعض الحجاج، واصفاً التقاط صور «سِلفي» بالمنكر الذي لا يجوز فعله، ويجب منعه فوراً.
رسمياً أصدرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية منشوراً وزعته على الحجاج عقب وصولهم لأداء المناسك، جاء فيه أن الهيئة «لاحظت خلال الفترة الأخيرة انشغال الحجاج بالتصوير، الذي أصبح الشغل الشاغل لهم، حيث تجدهم في أروقة الحرم قد شغلوا أنفسهم بما لا يليق في بيت الله بالتقاط الصور». ودعتهم إلى التفرّغ للصلاة وأداء المناسك، عوضاً عن التقاط الصور.