هل تسير "سفيرة الطفولة المعذبة" بخطى واثقة تمسح آهات وآلام من سببوا الظلم لإقارنها.. أم أن للجائزة الدولية هنا شروطها؟!.
طالب جرادي
بتوقيع دولي وبمشهد عالمي استحقت "ملالا يوسفزاي"، الطفلة المناضلة التي استحقت جائزة نوبل للسلام دفاعاً عن حق الفتيات في التعلم، بعدما اقتحم عناصر من "طالبان" الحافلة التي تقلها من مدرستها مينغورا في وادي سوات (شمال غرب باكستان)، فيسأل احدهم "من هي ملالا؟" ثم اطلق عليها رصاصة في الرأس.
هكذا تحولت سيرة ابنة السابعة عشر ربيعاً إلى ايقونة على صفحات الجرائد والمجالات العالمية وطباعة قمصان بصورتها ونجمة في المؤتمرات العالمية ولقاءات مع قادة دول العالم..، لكن كم من "ملالا" يستحق هذا اللقب في العام2014؟.
لعلّ العام 2014 هو الأكثر دموية باستهداف للأطفال في منطقة الشرق الأوسط على يد الموجة التكفيرية والإرهاب الإسرائيلي ، بدءاً من العراق و فلسطين ولبنان وسوريا وليبيا واليمن وباكستان وأفغانستان ونيجيريا.. حُرم بعضهم من مقاعد الدراسة وآخرون ماتوا بعدما اجتث الإرهاب قلوبهم الضعيفة وآخرون افتدوا بروحهم ليدافعوا عن رفاقه.
هنا، العراق في ظل موجة التكفير والإرهاب الذي يستهدفه منذ سنوات، والضحية الأبرز من الأطفال، حيث دلّت الإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 700 طفل عراقي قتلوا أو أصيبوا أو كانوا عرضة لـ "غسيل الدماغ الداعشي" في لعبة الصراع العراقي مطلع العام 2014، ولا يتجاوز عمر بعضهم الـ 13 عاماً.
أما فلسطينياً، حصد العدوان الصهيوني الأخير صيف هذا العام 700 طفل فلسطيني، فيما أصيب 3106 على الأقل منهم بجروح أو تشوهات.
أطفال لبنان لم يسلموا من مارد القتل الإرهابي، في سلسلة التفجيرات التي استهدفته وأبرزها ما يسمى "غزوة دار الأيتام الإسلامية" شباط العام 2014.
في مدن سوريا، الموت المتنقل على أرصفة الشوارع لم يرحم أطفالاً عادوا إلى مدارسهم بعد صيف لاهب في الحرب الدائرة منذ أربع سنوات، فكان آخر ضحايا التوحش هذه، المجزرة الدموية التي استشهد فيها أكثر من 40 طفلاً أثناء خروجهم من مدرستهم في حي عكرمة في حمص قبل أيام.
وفي البحرين، يواجه أطفال لم يتجاوز عمرهم الـ 15 عاماً المحاكم والسجن كإرهابيين من قبل النظام لمدة 15 عاماً بتهمة مشاركتهم في الحراك الذي تشهده البلاد منذ شباط 2014.
في باكستان وأفغانستان، مزيد من الأحمر، هجوم على المساجد، قتل للناس وللأطفال حصتهم، لكن إرادة الموت في سبيل قضية أقوى من سياط الجلاد وهذا ما فعله "اعتزاز حسن" ابن الخامسة عشر، فكان واحداً من الذين تصدوا بشجاعة لإنتحاري حاول استهداف مدرسته في منطقة هانغو شمال غرب باكستان وانقاذ مئات الطلاب من رفاقه.
الإرهاب التكفيري يتمدد في القارة الأفريقية أيضاً، فلا يكفي عذاب المضطهدون فيها كل هذا الألم من العنصرية والاضطهاد إلا مزيد من القتل والذبح..، هكذا تقدم جماعة تطلق على نفسها "بوكو حرام" على خطف العديد من الفتيات من مدارسهن شمال نيجيريا.. ويصبح الأطفال هدفاً سهلاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان.
هي إذن، لعنة الإرهاب الدموي الذي يتمدد في كل مكان، يطارد الأطفال وأحلامهم، لا تشملهم جوائز "السلام الدولي" ولا تحميهم مئات الاتفاقيات المشرعة لحمايتهم، يكافأون بقرار ادانة أو استنكار ولمرة واحدة بجائزة "نوبل للسلام"، كتلك التي منحت لـ "ملالا" لتصبح أصغر حاصلة على هذا اللقب، الذي استحقته بعيداً عن التوظيف السياسي والأكاديمي لهذا الإستقطاب العالمي.. لكنها، رسالة أراد صانعوها أن تكون "رسالة سلام" في وجه ما تتعرض له الطفولة المعذبة في بقاع الأرض على يد من يحمل الإسلام مذهباً، فهل تسير "سفيرة الطفولة المعذبة" بخطى واثقة تمسح آهات وآلام من سببوا الظلم لإقارنها.. أم أن للجائزة الدولية هنا شروطها؟!.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه