وتلقت الأسواق العالمية ضربة شديدة يوم الجمعة الماضي مع هروب المستثمرين إلى السندات الحكومية، التي تشكل ملاذا آمنا، بعد سلسلة من البيانات الضعيفة من أوروبا
تهاوت أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط، أمس الأحد، بقيادة بورصتي دبي والسعودية، حيث تراجع مؤشرا السوقين 6.5 في المئة لكل منهما، في ظل انخفاضات في البورصات العالمية وهبوط أسعار النفط، وهو ما أطلق موجة بيع على نطاق واسع في المنطقة.
وتلقت الأسواق العالمية ضربة شديدة يوم الجمعة الماضي مع هروب المستثمرين إلى السندات الحكومية، التي تشكل ملاذا آمنا، بعد سلسلة من البيانات الضعيفة من أوروبا والصين، مصحوبة بمخاوف بشأن خطط مجلس الإحتياطي الإتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لتقليص التحفيز النقدي.
وخلال الاُسبوع الماضي لامس خام القياس العالمي مزيج برنت أدنى مستوياته منذ ديسمبر/كانون الأول 2010 عند 88.11 دولار للبرميل رغم تعافيه إلى 90.21 دولار بنهاية تعاملات يوم الجمعة. وهبط برنت بنحو 25 دولارا منذ يونيو/حزيران. ولم تتسبب تلك الإتجاهات حتى الآن في كوارث لاقتصادات وأسواق في الشرق الأوسط. ونظرا لفائض المعاملات الجارية والميزانيات الحكومية فإن دول الخليج في وضع أفضل لمواجهة الاضطرابات العالمية مقارنة مع معظم الأسواق الناشئة.
ورغم اعتماد دول الخليج على النفط، إلا أن حكومات المنطقة تمكنت من بناء احتياطيات مالية ضخمة، وهو ما يتيح لها مواصلة الإنفاق على النمو بينما يشهد القطاع الخاص في تلك الدول نموا قويا.
وتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز في أواخر الشهر الماضي أن يرتفع النمو الاقتصادي قليلا في منطقة الخليج العام المقبل.
وقال فهد إقبال رئيس بحوث الشرق الأوسط لدى كريدي سويس في دبي إنه من الناحية التاريخية لا يوجد ارتباط مباشر بين أسعار النفط وأسواق الأسهم في الخليج وستتأثر المنطقة فقط إذا حدث هبوط لفترة طويلة. ورغم ذلك فإن الاضطرابات العالمية دفعت مستثمرين كثيرين إلى جني بعض الأرباح من المكاسب الكبيرة التي حققتها الأسواق هذا العام. ففي بداية تعاملات أمس كان مؤشر سوق دبي مرتفعا 47 في المئة منذ بداية العام، بينما بلغت مكاسب المؤشر المصري 41 في المئة في الفترة نفسها.
وتضخم الهبوط مع قيام بعض المستثمرين ببيع الأسهم لتقليص الخسائر إضافة إلى طلبات الشراء بالهامش.
وتراجع مؤشر سوق دبي 6.5 في المئة إلى 4620 نقطة، مسجلا أكبر نسبة هبوط مئوية يومية منذ اُغسطس/آب 2013. وانخفض المؤشر العام لسوق أبوظبي وهو عادة أقل تقلبا 3.5 في المئة مسجلا أسوأ أداء يومي منذ يناير كانون الثاني 2011.
وتراجعت بعض الأسهم مثل سهم «أرابتك» القابضة للبناء وسهم الإتحاد العقارية بالحد الأقصى اليومي عشرة في المئة.وقال سباستيان حنين رئيس إدارة الاُصول لدى المستثمر الوطني في أبوظبي «ربما نرى مزيدا من عمليات جني الأرباح في الجلسات المقبلة»
وهبط المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 6.5 في المئة إلى 10145 نقطة مسجلا أكبر انخفاض يومي له منذ يناير/كانون الثاني 2011، وهو ما أدى إلى إغلاقه دون المتوسط المتحرك في 100 يوم وذلك للمرة الأولى منذ ديسمبر/كانون الأول 2012.
وتراجعت الأسهم الأكثر تداولا مثلما حدث في دبي وهبط بعضها بالحد الأقصى عشرة في المئة، ومن بينها سهم بنك الجزيرة. وشكل سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، عملاق صناعة البتروكيماويات، أكبر ضغط على المؤشر الرئيسي بانخفاضه سبعة في المئة.
وهبط سهم المراعي، أكبر شركة لمنتجات الألبان في الخليج، 4.4 في المئة رغم إعلان الشركة اليوم عن زيادة 13.4 في المئة في صافي ربحها للربع الثالث من العام بأعلى قليلا من توقعات المحللين.
وتضخم هبوط البورصة السعودية لأنها أغلقت مثل أسواق أسهم اُخرى في الكويت وقطر وسلطنة عمان خلال الاُسبوع الماضي في عطلة عيد الأضحى. ولذا فإن تعاملات اليوم جاءت رد فعل لتدهور استمر اُسبوعا كاملا في المعنويات العالمية.
وقال خبراء سعوديون ان التراجع الحاد للبورصة السعودية أمس يعود إلى مجموعة من العوامل أبرزها تراجع أسعار النفط وأثرها المتوقع على الميزانية السعودية، إضافة إلى تقارير دولية تشير لنمو أقل للاقتصاد العالمي، مما أدى لتراجع الأسواق العالمية، إضافة إلى استكمال موجة تصحيح أسعار الأسهم التى بدأها السوق قبل العيد. إلا أن الخبراء اعتبروا أن التراجع مبالغ فيه.
وقال مازن السديري، رئيس قسم الأبحاث في شركة الاستثمار «كابيتال» السعودية، ان تراجع الأمس ناتج عن تخوف المتعاملين من أثر تراجعات أسعار النفط على الإنفاق الحكومي في السعودية أو تسجيل عجز في الموازنة، مضيفا أن السعودية ستواصل وتيرة الإنفاق الحكومي وخطط التنمية بخلاف تخوفات المتعاملين. تابع السديري ان من الأسباب تراجع البورصة السعودية أيضا تقرير صندوق النقد الذى خفض فيه توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي وإعادته النظر في معدلات النمو.
إلا ان السديري أشار إلى أن مؤشرات الاقتصادية من الولايات المتحدة إيجابية، وقال ان الصندوق تحدث عن تباطؤ للنمو وليس كساد. وأرجع فضل البوعيين، الكاتب الاقتصادي السعودي، تراجعات السوق إلى التقارير الدولية حول ضعف نمو الاقتصاد العالمي، وتراجعات الأسواق العالمية، وتراجعات أسواق الخليج ودبي بشكل خاص، إضافة إلى تراجعات أسعار النفط.
وقال البوعيين ان التراجعات في البورصة السعودية مبالغ فيها ولا يجب أن تتأثر بالأخبار الخارجية بهذا الشكل. وطالب بوجود قائد للسوق، بشكل الصناديق الحكومية التي تستثمر في السوق بهدف الحفاظ على استثماراتها.
واتفق محمد الشميمري محلل أسواق السلع والعملات وخبير أسواق المال، معهما، وأضاف سببا آخر للتراجع وهو استكمال البورصة السعودية لموجة تصحيح كانت قد بدأتها قبل العيد.
من جهته اعلن زياد شهاب، نائب رئيس قسم الابحاث في شركة الاستثمارات الكويتية (كامكو)، ان السوق متاثرة بالتأكيد بالانخفاض المتواصل لاسعار النفط الذي يوفر القسم الاكبر من عائدات دول الخليج. واضاف ان الوضع الجيوسياسي والنزاعات في المنطقة تلقي بثقلها على اسواق الخليج المالية.
وقال ايضا ان خفض صندوق النقد الدولي لتوقعاته بشان احتمالات نمو الاقتصاد العالمي يؤثر سلبا ايضا على هذه الاسواق. وهبط مؤشر بورصة قطر ثلاثة في المئة، مع تراجع جميع الأسهم على قائمته، بينما انخفض المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية 4.1 في المئة.
ورغم أن أسعار النفط الآن قريبة جدا من المستويات التي تحتاجها السعودية والإمارات لتوازن الميزانية، إلا أن نمو الإنفاق الحكومي ربما يتباطأ وهو ما قد يؤدي إلى بعض التراجع في النمو الاقتصادي.
وفيما يلي إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم في الشرق الأوسط:
في السعودية هوى مؤشر البورصة 6.5 في المئة إلى 10145 نقطة. كما هوى مؤشر دبي بنسبة 6.5 في المئة إلى 4620 نقطة. أيضا هوى مؤشر أبوظبي بنسبة 3.5 في المئة إلى 4900 نقطة.
وانخفض المؤشر القطري ثلاثة في المئة إلى 13416 نقطة. كما انخفض المؤشر الكويتي بنسبة واحد في المئة إلى 7570 نقطة.
وهبط المؤشر العماني 2.2 في المئة إلى 7314 نقطة، بينما هبط المؤشر البحريني 0.3 في المئة إلى 1466 نقطة. وفي مصر تراجع المؤشر 4.1 في المئة إلى 9164 نقطة.