25-11-2024 07:34 PM بتوقيت القدس المحتلة

الهروب من الشتاء والنار .. إلى الزبداني

الهروب من الشتاء والنار .. إلى الزبداني

عادت مدينة الزبداني مجدداً على خريطة المعارك في سوريا بعد محاولة «جبهة النصرة» في القلمون القيام بخرق مواقع لـ«حزب الله» في منطقة بريتال اللبنانية

 

 

وسام عبدالله

 

عادت مدينة الزبداني مجدداً على خريطة المعارك في سوريا بعد محاولة «جبهة النصرة» في القلمون القيام بخرق مواقع لـ«حزب الله» في منطقة بريتال اللبنانية، ليعاد الحديث عن المحاولات التي تقوم بها المجموعات المسلحة للقيام بفتح طريق امداد بين عرسال والزبداني مرورا بباقي المناطق التي تسيطر عليها في القلمون.

مع اقتراب فصل الشتاء، بدأت المجموعات المسلحة المتواجدة في سلسلة جبال القلمون بضفتيها اللبنانية والسورية، في البحث عن مخرجٍ للهروب من حصار الثلوج والبرد القارس، إضافة للهرب من حصار الجيش السوري و«حزب الله» عسكريا من جهة ثانية، والزبداني إحدى تلك المناطق التي تشكل مهرباً لهم. فهي تقع على نقطة حدودية، فمن الجهة السورية هي تبعد عن دمشق 45 كيلومترا وتقع بالقرب منها مناطق مثل بلودان ومضايا وبقين. اما إداريا فهي تابعة لمحافظة ريف دمشق، وجغرافياً هي عقد وصل بين ريف العاصمة والقلمون بامتدادها نحو عسال الورد ورنكوس وسرغايا. أما من الجهة اللبنانية فيفصلها عن البقاع وبعلبك سلسلة جبال لبنان الشرقية وامتدادها نحو بريتال وعرسال وعنجر.

يوضح مصدر ميداني لـ«السفير» أهمية الزبداني للجماعات المسلحة، قائلا «هي تعمل جاهدة على فتح وتأمين طريق امداد لها يصل مناطق عسال الورد وجرود عرسال وجرود بريتال والزبداني، فهي الآن في حالة حصار ضمن ذلك المحور وخاصة في الزبداني».

الاوتوستراد الدولي بين لبنان وسوريا مؤمن بشكل كامل وتحت سيطرة الجيش السوري فمن الصعب وصول المجموعات المسلحة المتواجدة في الزبداني إليه بسبب انتشار وحدات عسكرية على مختلف التلال المحيطة، كما أنهم في حالة حصار داخل منطقتهم فهي التي تقع بين جبلين، وقوتهم هي في تواجدهم داخل المدينة القديمة وصعوبة الدخول بعملية برية إليها بسبب ضيق طرقاتها.

بين وسط القلمون وشرقها، تشكل الجغرافيا جزءا أساسيا من المعارك بين محور الزبداني ـ بريتال، فمن أعلى نقطة في منطقة الزبداني وبلودان تكون البداية من مرتفع «البرج» الذي يصل ارتفاعه إلى 2580 مترا في منطقة يكشف فيها جرود الزبداني وحوض بردى وصولا إلى بداية سهل البقاع وحام ومعربون والنبي شيت، ونحو الشمال باتجاه وسط القلمون يكون المرور بسرغايا نحو عسال الورد وفليطة آخر وأهم معاقل المجموعات المسلحة في جبال القلمون والتي تشكل البوابة الاساسية نحو عرسال ووصولا إلى بريتال.

ومن بين أهم المجموعات المسلحة المتواجدة في منطقة الزبداني، «كتائب حمزة بن عبد المطلب» التي شاركت في مختلف المعارك في ريف دمشق وخاصة في الغوطة الغربية وهي تابعة لجماعة «أحرار الشام» وتتواجد هذه الجماعة بحسب مصدر ميداني في جرود بلودان في الجبل الغربي وهو ذاته مرتفع «البرج». وهناك أيضا جماعات أخرى مثل «الجبهة الاسلامية» و«جبهة النصرة» تقاتل في تلك المنطقة. وقد نشر ناشطون إعلان ما أسموه تشكيل «غرفة عمليات مشتركة» في الزبداني تتولى إدارة العمل العسكري داخل المدينة ومحيطها.

لا ينفصل اسم بلودان عن الزبداني، وهي المجاورة لها والتي تعد أعلى منطقة، فهي المطلة إضافة على الزبداني وسرغايا ومضايا وعين حور. ويوضح مصدر من أهالي المنطقة لـ«السفير» أن وحدات الجيش السوري متواجدة داخل بلودان بالإضافة إلى المجموعات المقاتلة من «الدفاع الوطني» و«كتائب البعث» و«السوري القومي». وبحسب المصدر فقد قتل مؤخرا، احد قادة قوات الدفاع الوطني ومساعده على طريق «بلودان ـ الشام» نتيجة كمين من قبل مجموعة مسلحة استهدفته في سيارته وحاولت خطف الجثث، فحصل اشتباك مع وحدات الجيش المتواجدة في منطقة الاغتيال.

وكغيرها من مناطق سورية اخرى، تمر الزبداني بمخاض المصالحة، فيمر يومٌ ترتفع فيه نسبة التفاؤل بإتمام المصالحة فيقوم عدد من المسلحين بتسليم أنفسهم للدولة السورية وخاصة من هم من أهل الزبداني، وفي يوم آخر تنخفض وتعود الاشتباكات المتبادلة بين المجموعات المسلحة ووحدات الجيش السوري.

يوضح مصدر ميداني أن المعارك على كامل الحدود مع لبنان لا يمكن فصلها عن بعض، فالسكان والجغرافيا والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية جميعها تتداخل وتتفاعل فيما بينها، فمن معركة القصير والتي مهدت للبدء بالسيطرة على كامل حمص هي امتداد جغرافي لمنطقة عكار وما كانت تشكله من ممر ومقر لإمداد المجموعات المسلحة، وفي وسط القلمون كانت يبرود وما شكلته من فاتحة أساسية للسيطرة على جبال القلمون وهي الخزان الرئيسي للمقاتلين في ريف دمشق والسيارات المفخخة نحو بيروت، والان تشتعل منطقة جنوبي سوريا في محور درعا والجولان وما له من تأُثير على مزارع شبعا وراشيا المحاذية لها من الجهة اللبنانية ودخول الاحتلال الاسرائيلي على خط المواجهة بتأمين غطاء ناري لتلك المجموعات.

يقول الكاتب اللبناني الراحل سعيد تقي الدين أن حرف الواو بين (سوريا ولبنان) هي واو كافرة. القصير وعكار، يبرود وعرسال، الزبداني وبريتال، الجولان وشبعا ومختلف المناطق الحدودية، هي خارج منطق وحدود اتفاقية (سايكس ـ بيكو)، في زمنٍ أصبحت فيه تلك الحدود «كافرة» على حبر الخرائط المصطنعة و«تكفيرية» بوجود المجموعات المسلحة في مختلف مناطقها.


http://www.assafir.com/Article/1/377949

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه