في دمشق تطل جراح لتقص حكاية أصحابها، فحين يمتزج اللون الزيتي للبزة العسكرية بالأحمر القاني، تكون للحكاية معانٍ من وطن
خليل موسى – موقع المنار - دمشق
في دمشق تطل جراح لتقص حكاية أصحابها، فحين يمتزج اللون الزيتي للبزة العسكرية بالأحمر القاني، تكون للحكاية معانٍ من وطن، هذا ما يعنونه المشهد لدى التجول بين أرجاء ذاك المشفى وسط ابتسامات الجرحى وبريق الأمل في عيونهم.
موقع المنار تجول في احد مشافي دمشق العسكرية، ليرصد مشاهد الجرحى والمصابين من عناصر الجيش العربي السوري، توقعنا عند المدخل أن نسمع صوت صراخ المتألمين من جراحهم، وأن نرى المشهد البائس المعهود في أي مشفى، لكن كان المشهد مغايرا تماما، جنود من الجيش العربي السوري ما زالوا يحملون سلاحهم ويتمسكون به رغم إصاباتهم، والابتسام على وجوههم، يترقبون الوقت بين الحين الآخر، ولا يكف سؤالهم عن موعد خروجهم، لم يذكر أي منهم منزله ولا عائلته الصغيرة، كل ما يدور في خاطرهم يتحدثون به علنا، ويرفضون حتى فترة الاستراحة التي تحق للمحارب السليم فكيف المصاب، لا يهمهم كل هذا، همهم الوحيد كان العودة إلى ساحات القتال ليبقوا إلى جانب زملائهم في الذود عن الوطن.
أحد الأطباء المناوبين في المشفى حدثنا عن أهم الخدمات التي يقدمونها للجرحى والمصابين، حيث أكد ان المشفى يستقبل أيضا حالات المدنيين المصابين جراء أي من القذائف أو الحوادث الامنية، الخدمات في المشفى العسكري الذي يحمل اسم (601) تبدأ من أبسط الحالات حتى أعقد العمليات الإسعافية وغير الإسعافية التي قد يحتاج إليها المصاب أو المريض، كما ان المشفى بكامل كوادره يبقى مستنفرا على مدار الساعة لأي طارئ كان.
يضيف الطبيب المناوب أن المعنويات العالية للجرحى في الجيش السوري والتي من السهل ملاحظتها على وجوههم، تزيد من معنويات الكادر الطبي نفسه أيا كانت الاصابة خطيرة والعملية دقيقة.
الوضع الميداني في محيط دمشق قد لا يختلف عنه في أي مكان من سورية فَرَحى المعركة دائرة والانتصار لمن يصمد أكثر ولن يصمد إلا أصحاب الحق، هذا ما حدثنا به أحد القادة الميدانيين المصاب بطلق ناري في ذراعه الأيمن أثناء دخوله إلى غرفة العمليات، حيث أكد إنجازات للجيش العربي السوري على جبهات القتال، في حين يقطع حديثه كل قليل بالسؤال عن احد عناصره المصابين ليطمئن عنه، كما يحاول بين الحين والآخر متابعة أخبار الميدان عبر المسعفين العسكريين القادمين بحالة جديدة، ولم يفته قبل أن يدخل غرفة العمليات الطبية أن يخبرنا بأنه سيعود إلى جبهته فور إزالة الرصاصة من ذراعه.
الملفت في حديث احد الجنود الجرحى وهو مستلقٍ على سريره، حين ابتسم وقال "نحن جنود الجيش العربي السوري لنا شرف الاصابة، ولنا الشرف أكثر بأننا نتعالج في مشافينا الحكومية وهي مشافي سورية، ليس كهؤلاء الارهابيين الخونة الذين يتعالجون في مشافي العدو الصهيوني". ليتابع آخر وهو ينظر إلى إصابته، "لم تتعبني الإصابة، إنما يتعبني الابتعاد عن أخوتي في الجبهة".
هي نماذج من حالات كثيرة كانت تملأ المشفى، فالإصابات تتراوح ما بين طلق ناري أو شظية، كله سواء بالنسبة للجرحى الذين يتساوون برتبهم أيضا لمجرد أن يجلس الضابط مع الجندي منتظرين موعد الالتحاق مجددا في ركب زملائهم لمتابعة العمل كما عبّروا، من أجل تطهير كامل أجزاء الوطن من رجس التكفيريين.